فصل: السنة الأولى من سلطنة الملك العادل كتبغا المنصوري على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


ولما دخل الملك العادل إلى دمشق وأقام بها أيامًا عزل عنها نائبها الأمير عز الدين أيبك الحموي وولى عوضه في نيابة دمشق مملوكه الأمير سيف الدين أغزلو العادلي وعمره نحو من اثنتين وثلاثين سنة وأنعم على الأمير عز الدين أيبك الحموي بخبز أغزلو بمصر وخرجا من عند السلطان وعليهما الخلع هذا متول وهذا منفصل‏.‏

ثم سافر السلطان الملك العادل من دمشق في ثاني عشر ذي الحجة بأكثر العسكر المصري وبقية جيش الشام إلى جهة قرية جوسية وهي ضيعة اشتراها له الصاحب شهاب الدين الحنفي فتوجه إليها ثم سافر منها في تاسع عشر ذي الحجة إلى حمص ونزل عند البحرة بالمرج بعدما أقام في البرية أيامًا لأجل الصيد وحضر إليه نواب البلاد الحلبية جميعها ثم عاد إلى دمشق ودخلها بمن معه من العساكر ضحى نهار الأربعاء ثاني المحرم من سنة ست وتسعين وستمائة‏.‏

وأقام بدمشق إلى يوم الجمعة رابع المحرم ركب السلطان الملك العادل المذكور بخواصه وأمرائه إلى الجامع لصلاة الجمعة فحضر وصلى بالمقصورة وأخذ من الناس قصصهم حتى إنه رأى شخصًا بيده قصة فتقدم إليه بنفسه خطوات وأخذها منه ولما جلس الملك العادل للصلاة بالمقصورة جلس عن يمينه الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة وتحته بدر الدين أمير سلاح ثم من تحته نائب دمشق أغزلو العادلي وعن يسار السلطان الشيخ حسن بن الحريري وأخواه ثم نائب السلطنة لاجين المنصوري ثم تحته نائب دمشق الأمير عز الدين أيبك الحموي أعني الذي عزل عن نيابة دمشق ثم من تحته الأمير بدر الدين بيسري ثم قراسنقر المنصوري ثم الحاج بهادر حاجب الحجاب ثم الأمراء على مراتبهم ميمنة وميسرة‏.‏

فلما انقضت الصلاة خرج من الجامع والأمراء بين يديه والناس يبتهلون بالدعاء له وأحبه أهل دمشق وشكرت سيرته وحمدت طريقته‏.‏

ثم في يوم الخميس سابع عشر المحرم أمسك السلطان الأمير أسندمر وقيده وحبسه بالقلعة وفي يوم الاثنين حادي عشرين المحرم عزل السلطان الأمير شمس الدين سنقر الأعسر عن شد دواوين دمشق ورسم له بالسفر صحبة السلطان إلى مصر وولى عوضه فتح الدين عمر بن محمد بن صبرة‏.‏

ولما كان بكرة يوم الاثنين المذكور خرج السلطان الملك العادل من دمشق بعساكره وجيوشه نحو الديار المصرية وسار حتى نزل باللجون بالقرب من وادي فحمة في بكرة يوم الاثنين ثامن عشرين المحرم من سنة ست وتسعين وكان الأمير حسام الدين لاجين المنصوري نائب السلطنة قد اتفق مع الأمراء على الوثوب على السلطان الملك العادل كتبغا هذا والفتك به فلم يقدر عليه لعظم شوكته فدبر أمرًا آخر وهو أنه ابتدأ أولًا بالقبض على الأميرين‏:‏ بتخاص وبكتوت الأزرق العادليين وكانا شهمين شجاعين عزيزين عند أستاذهما الملك العادل المذكور فركب لاجين بمن وافقه من الأمراء على حين غفلة وقبض على الأميرين المذكورين وقتلهما في الحال وقصد مخيم السلطان فمنعه بعض مماليك السلطان قليلًا وعوقوه عن الوصول إلى الملك العادل وكان العادل لما بلغه هذا الأمر علم أنه لا قبل له على قتال لاجين لعلمه بمن وافقه من الأمراء وغيرهم وخاف على نفسه وركب من خيل النوبة فرسًا تسمى حمامة وساق لقلة سعده ولزوال ملكه راجعًا إلى الشام ولو أقام بمخيمه لم يقدر لاجين على قتاله وأخذه فما شاء الله كان وساق حتى وصل إلى دمشق يوم الأربعاء آخر المحرم قرب العصر ومعه أربعة أو خمسة من خواصه‏.‏

وكان وصل إلى دمشق يوم الأربعاء آخر المحرم أول النهار أمير شكار السلطان وأخبر نائب الشام بصورة الحال وهو مجروح فتهيأ نائب الشام الأمير أغزلو العادلي واستعد وأحضر أمراء الشام عند السلطان ورسم بالاحتياط على نواب الأمير حسام الدين لاجين وعلى حواصله بدمشق وندم الملك العادل على ما فعله مع لاجين هذا من الخير والمدافعة عنه من كونه كان أحد من أعانه على قتل الأشرف وعلى أنه ولاه نيابة السلطنة وفي الجملة أنه ندم حيث لا ينفعه الندم‏!‏ وعلى رأي من قال‏:‏ ‏"‏ أشبعتهم سبًا وفازوا بالإبل ‏"‏ ومثله أيضًا قول القائل‏:‏ مخلع البسيط من راقب الناس مات غمًا وفاز باللذة الجسور ثم إن الملك العادل طلب قاضي قضاة دمشق بدر الدين بن جماعة فحضر بين يدي السلطان هو وقاضي القضاة حسام الدين الحنفي وحضرا عند الملك العادل تحليف الأمراء والمقدمين وتجديد المواثيق منهم ووعدهم وطيب قلوبهم‏.‏

وأما الأمير حسام الدين لاجين فإنه استولى على دهليز السلطان والخزائن والحراس والعساكر من غير ممانع وتسلطن في الطريق ولقب بالملك المنصور حسام الدين لاجين وتوجه إلى نحو الديار المصرية وملكها وتم أمره وخطب له مصر وأعمالها والقدس والساحل جميعه وأما الملك العادل فإنه أقام بقلعة دمشق هذه الأيام كلها لا يخرج منها وأمر جماعة بدمشق وأطلق بعض المكوس بها وقرىء بذلك توقيع يوم الجمعة سادس عشر صفر بعد صلاة الجمعة بالجامع‏.‏

وبينما هو في ذلك ورد الخبر على أهل دمشق بأن مدينة صفد زينت لسلطنة لاجين ودق بها البشائر وكذلك نابلس والكرك‏.‏

فلما بلغ الملك العادل ذلك جهز جماعة من عسكر دمشق مقدمهم الأمير طقصبا الناصري بكشف هذا الأمر وتحقيق الخبر فتوجهوا يوم الخميس ثاني عشرين صفر فعلموا بعد خروجهم في النهار المذكور بدخول الملك المنصور لاجين إلى مصر وسلطنته فرجعوا وعلموا عدم الفائدة في توجههم‏.‏

ثم في الغد من يوم الجمعة ثالث عشرين صفر ظهر الأمر بدمشق وانكشف الحال وجوهر الملك العادل كتبغا بذلك وبلغه أنه لما وصل العسكر إلى غزة ركب الأمير حسام الدين لاجين في دست السلطنة وحمل البيسري على رأسه ثم في يوم السبت رابع عشرين صفر وصل إلى دمشق الأمير كجكن ومعه جماعة من الأمراء كانوا مجردين إلى الرحبة فلم يدخلوا دمشق بل توجهوا إلى جهة ميدان الحصا قريبًا من مسجد القدم وأعلن الأمير كجكن أمر الملك المنصور لاجين وعلم جيش دمشق بذلك فخرج إليه طائفة بعد طائفة وكان قبل ذلك قد توجه أميران من أكابر أمراء دمشق إلى جهة الديار المصرية‏.‏

فلما تحقق الملك العادل كتبغا بذلك وعلم انحلال أمره وزوال دولته بالكلية أذعن بالطاعة لأمراء دمشق وقال لهم‏:‏ الملك المنصور لاجين خشداشي وأنا في خدمته وطاعته وحضر الأمير سيف الدين جاغان الحسامي إلى قلعة دمشق إلى عند الملك العادل كتبغا فقال له كتبغا‏:‏ أنا أجلس في مكان بالقلعة حتى نكاتب السلطان ونعتمد على ما يرسم به‏.‏

فلما رأى الأمراء منه ذلك تفرقوا وتوجهوا إلى باب الميدان وحلفوا للملك المنصور لاجين وأرسلوا البريد إلى القاهرة بذلك ثم احتفظوا بالقلعة وبالملك العادل كتبغا ولبس عسكر دمشق آلة الحرب وسيروا عامة نهار السبت بظاهر دمشق وحول القلعة والناس في هرج واختباط وأقوال مختلفة وأبواب دمشق مغلقة سوى باب النصر وباب القلعة مغلق فتح منه خوخته واجتمع العامة والناس من باب القلعة إلى باب النصر وظاهر البلد حتى سقط منهم جماعة كثيرة في الخندق فسلم جماعة وهلك دون العشرة وأمسى الناس يوم السبت وقد أعلن باسم الملك المنصور لاجين لا يخفي أحد ذلك وشرع دق البشائر بالقلعة ثم في سحر يوم الأحد ذكره المؤذنون بجامع دمشق وتلوا قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ قل اللهم مالك الملك ‏"‏ إلى آخرها وأظهروا اسم المنصور والدعاء له ثم ذكره قارىء المصحف بعد صلاة الصبح بمقصورة جامع دمشق ودقت البشائر على أبواب جميع أمراء دمشق دقًا مزعجًا وأظهروا الفرح والسرور وأمر بتزيين أسواق البلد جميعها فزينت مدينة دمشق وفتحت دكاكين دمشق وأسواقها واشتغلوا بمعايشهم وتعجب الناس من تسليم الملك العادل كتبغا الأمر إلى الملك المنصور لاجين على هذا الوجه الهين من غير قتال ولا حرب مع ما كان معه من الأمراء والجند ولو لم يكن معه إلا مملوكه الأمير أغزلو العادلي نائب الشام لكفاه ذلك‏.‏

على أن الملك المنصور لاجين كان أرسل في الباطن عدة مطالعات لأمراء دمشق وأهلها واستمال غالب أهل دمشق فما أحوجه الملك العادل كتبغا لشيء من ذلك بل سلم له الأمر على هذا الوجه الذي ذكرناه خذلان من الله تعالى‏.‏

وأما الأمير سيف الدين أغزلو العادلي مملوك الملك العادل كتبغا نائب الشام لما رأى ما وقع من أستاذه لم يسعه إلا الإذعان للملك المنصور وأظهر الفرح به وحلف له‏.‏

قال‏:‏ الملك المنصور لاجين - نصره الله - هو الذي كان عينني لنيابة دمشق وأستاذي الملك العادل كتبغا استصغرني فأنا نائبه ثم سافر هو والأمير جاغان إلى نحو الديار المصرية‏.‏

وأما لاجين فإنه تسلطن يوم الجمعة عاشر صفر وركب يوم الخميس سادس عشر صفر وشق القاهرة وتم أمره وأما الملك العادل كتبغا هذا فإنه استمر بقلعة دمشق إلى أن عاد الأمير جاغان المنصوري الحسامي إلى دمشق في يوم الاثنين حادي عشر شهر ربيع الأول وطلع من الغد إلى قلعة دمشق ومعه الأمير الكبير حسام الدين الظاهري أستاذ الدار في الدولة المنصورية والأشرفية والأمير سيف الدين كجكن وحضر قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة قاضى دمشق ودخلوا الجميع إلى الملك العادل كتبغا فتكلم معهم كلامًا كثيرًا بحيث إنه طال المجلس كالعاتب عليهم ثم إنه حلف يمينًا طويلة يقول في أولها‏:‏ أقول وأنا كتبغا المنصوري ويكرر اسم الله تعالى في الحلف مرة بعد مرة أنه يرضى بالمكان الذي عينه له السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين ولا يكاتب ولا يسارر وأنه تحت الطاعة وأنه خلع نفسه من الملك وأشياء كثيرة من هذا النموذج ثم خرجوا من عنده‏.‏

وكان المكان الذي عينه له الملك المنصور لاجين قلعة صرخد ولم يعين المكان المذكور في اليمين‏.‏

ثم ولى الملك المنصور نيابة الشام للأمير قبجق المنصوري وعزل أغزلو العادلي فدخل قبجق إلى دمشق في يوم السبت سادس عشر شهر ربيع الأول وتجهز الملك العادل كتبغا وخرج من قلعة دمشق بأولاده وعياله ومماليكه وتوجه إلى صرخد في ليلة الثلاثاء تاسع عشر شهر ربيع الأول المذكور وجردوا معه جماعة من الجيش نحو مائتي فارس إلى أن أوصلوه إلى صرخد‏.‏

فكانت مدة سلطنة الملك العادل كتبغا هذا على مصر سنتين وثمانية وعشرين يومًا وقيل سبعة عشر يومًا وتسلطن من بعده الملك المنصور حسام الدين لاجين حسب ما تقدم ذكره‏.‏

ثم كتب له الملك المنصور حسام الدين لاجين تقليدًا بنيابة صرخد فقبل الملك العادل ذلك وباشر نيابة صرخد سنين إلى أن نقله السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سلطنته الثانية من نيابة صرخد إلى نيابة حماة وصار من جملة نواب السلطنة وكتب له عن السلطان كما يكتب لأمثاله من النواب وسافر في التجاريد في خدمة نواب دمشق وحضر الجهاد ولم يزل على نيابة حماة حتى مات بها في ليلة الجمعة يوم عيد الأضحى وهو في سن الكهولية ودفن بحماة ثم نقل منها ودفن بتربته التي أنشأها بسفح جبل قاسيون دمشق غربي الرباط الناصري وله عليها أوقاف‏.‏

وكان ملكًا خيرًا دينًا عاقلًا عادلًا سليم الباطن شجاعًا متواضعًا وكان يحب الفقهاء والعلماء والصلحاء ويكرمهم إكرامًا زائدًا وكان أسمر اللون قصيرًا دقيق الصدر قصير العنق وكان له لحية صغيرة في حنكه‏.‏

أسر صغيرًا من عسكر هولاكو‏.‏

وكان لما ولي سلطنة مصر والشام تشاءم الناس به وهو أن النيل قد بلغ في تلك السنة ست عشرة ذراعًا ثم هبط من ليلته فشرقت البلاد وأعقبه غلاء عظيم حتى أكل الناس الميتة‏.‏

وقد تقدم ذكر ذلك في أول ترجمته ومات الملك العادل كتبغا المذكور بعد أن طال مرضه واسترخى حتى لم يبق له حركة وترك عدة أولاد وتولى نيابة حماة بعده الأمير بتخاص المنصوري نقل إليها من نيابة الشوبك‏.‏

وقد تقدم التعريف بأحوال كتبغا هذا في أوائل ترجمته وفي غيرها فيما مر ذكره‏.‏

وأمر كتبغا هذا هو خرق العادة من كونه كان ولي سلطنة مصر أكثر من سنتين وصار له شوكة ومماليك وحاشية ثم يخلع ويصير من جملة نواب السلطان بالبلاد الشامية فهذا شيء لم يقع لغيره من الملوك‏.‏

وأعجب من هذا أنه لما قتل الملك المنصور لاجين وتحير أمراء مصر فيمن يولونه السلطنة من بعده لم يتعرض أحد لذكره ولا رشح للعود البتة حتى احتاجوا الأمراء وبعثوا خلف الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك وأتوا به وسلطنوه‏.‏

قلت‏:‏ وما أظن أن القلوب نفرت منه إلا لما رأوه من دنيء همته عندما خلع من السلطنة وتسليمه للأمر من غير قتال ولا ممانعة وكان يمكنه أن يدافع بكل ما تصل القدرة إليه ولو ذهبت روحه عزيزة غير ذليلة وما أحسن قول عبد المطلب جد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لنا نفوس لنيل المجد عاشقة وإن تسلت أسلناها على الأسل لا ينزل المجد إلا في منازلنا كالنوم ليس له مأوى سوى المقل وقول عنترة أيضًا‏:‏ الوافر أروم من المعالي منتهاها ولا أرضى بمنزلة دنيه فإما أن أشال على العوالي وإما أن توسدني المنيه ويعجبني المقالة الثامنة عشرة من تأليف العلامة شرف الدين عبد المؤمن بن هبه الله الأصفهاني المعروف بشوروة فإن أوائلها تقارب ما نحن فيه وهي‏:‏ رتبة الشرف لا تنال بالترف والسعادة أمر لا يدرك إلا بعيش يفرك وطيب يترك ونوم يطرد وصوم يسرد وسرور عازب وهم لازب ومن عشق المعالي ألف الغم ومن طلب اللآليء ركب اليم ومن قنص الحيتان ورد النهر ومن خطب الحصان نقد المهر كلا أين أنت من المعالي‏!‏ إن السحوق جبار وأنت قاعد والفيلق جرار وأنت واحد العقل يناديك وأنت أصلخ ويدنيك ويحول بينكما البرزخ لقد أزف الرحيل قاستنفد جهدك وأكثب الصيد فضمر فهدك فالحذر يترصد الانتهاز والحازم يهيىء أسباب الجهاز تجرع مرارة النوائب في أيام معدودة لحلاوة معهودة غير محدودة وإنما هي محنة بائدة تتلوها فائدة وكربة نافذة بعدها نعمة خالدة وغنيمة باردة فلا تكرهن صبرًا أو صابا يغسل عنك أو صابا ولا تشربن وردًا يعقبك سقاما ولا تشمن وردًا يورثك زكاما ما ألين الريحان لو لا وخز البهمى وما أطيب الماذي لولا حمة الحمى‏!‏ فلا تهولنك مرارات ذاقها عصبة إنما يريد الله ليهديهم بها ولا تروقنك حلاوات نالها فرقة إنما يريد الله ليعذبهم بها‏.‏

انتهى‏.‏

 السنة الأولى من سلطنة الملك العادل كتبغا المنصوري على مصر

وهي سنة أربع وتسعين وستمائة‏.‏

كان فيها الغلاء العظيم بسائر البلاد ولا سيما مصر والشام وكان بمصر مع الغلاء وباء عظيم أيضًا وقاسى الناس شدائد في هذه السنة واستسقى الناس بمصر من عظم الغلاء والفناء‏.‏

وفيها أسلم ملك التتار غازان وأسلم غالب جنده وعساكره على ما حكى الشيخ علم الدين البرزالي‏.‏

وفيها توفي السلطان الملك المظفر شمس الدين أبو المحاسن يوسف ابن السلطان الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول التركماني الأصل الغساني صاحب بلاد اليمن مات في شهر رجب بقلعة تعز من بلاد اليمن وقيل‏:‏ اسم رسول محمد بن هارون بن أبي الفتح بن يوحي بن رستم من ذرية جبلة بن الأيهم قيل‏:‏ إن رسولًا جد هؤلاء ملوك اليمن كان انضم لبعض الخلفاء العباسية فاختصه بالرسالة إلى الشام وغيرها فعرف برسول وغلب عليه ذلك ثم انتقل من العراق إلى الشام ثم إلى مصر وخدم هو وأولاده بعض بني أيوب وهو مع ذلك له حاشية وخدم ولما أرسل السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أخاه الملك المعظم توران شاه إلى اليمن أرسل الملك المنصور عمر والد صاحب الترجمة معه كالوزير له واستحلفه على المناصحة فسار معه إلى اليمن‏.‏

فلما ملك الملك المسعود أقسيس ابن الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب اليمن بعد توران شاه قرب عمر المذكور وزاد في تعظيمه وولاه الحصون ثم ولاه مكة المشرفة ورتب معه ثلاثمائة فارس وحصل بينه وبين صاحب مكة حسن بن قتادة وقعة انكسر فيها حسن ودخل المنصور مكة واستولى عليها وعمر بها المسجد الذي اعتمرت منه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في سنة تسع عشرة وستمائة ثم عمر في ولايته لمكة أيضًا دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه في زقاق الحجر في سنة ثلاث وعشرين وستمائة ثم استنابه الملك المسعود على اليمن لما توجه إلى الديار المصرية واستناب على صنعاء أخاه بدر الدين حسن بن علي بن رسول‏.‏

ولما عاد الملك المسعود إلى اليمن قبض على نور الدين هذا وعلى أخيه بدر الدين حسن المذكور وعلى أخيه فخر الدين وعلى شرف الدين موسى تخوفًا منهم لما ظهر من نجابتهم في غيبته وأرسلهم إلى الديار المصرية محتفظًا بهم خلا نور الدين عمر أعني الملك المنصور فإنه أطلقه من يومه لأنه كان يأنس إليه ثم استحلفه وجعله أتابك عسكره ثم استنابه الملك المسعود ثانيًا لما توجه إلى مصر وقال له‏:‏ إن مت فأنت أولى بالملك من إخوتي لخدمتك لي وإن عشت فأنت على حالك وإياك أن تترك أحدًا من أهلي يدخل اليمن ولوجاءك الملك الكامل‏.‏

ثم سار الملك المسعود إلى مكة فمات بها فلما بلغ الملك المنصور ذلك استولى على ممالك اليمن بعد أمور وخطوب واستوسق له الأمر فكانت مدة مملكته باليمن نيفًا على عشرين سنة‏.‏

ومات بها في ليلة السبت تاسع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة وملك بعده ابنه الملك المظفر يوسف هذا وهو ثاني سلطان من بني رسول باليمن وأقام الملك المظفر هذا في الملك نحوا من ست وأربعين سنة وكان ملكًا عادلًا عفيفًا عن أموال الرعية حسن السيرة كثير العدل وملك بعده ولده الأكبر الملك الأشرف ممهد الدين عمر فلم يمكث الأشرف بعد أبيه إلا سنة ومات وملك أخوه الملك المؤيد هزبر الدين داود‏.‏

ومات الملك المظفر هذا مسمومًا‏:‏ سمته بعض جواريه ومات وقد جاوز الثمانين وخلف من الأولاد‏:‏ الملك الأشرف الذي ولي بعده والمؤيد داود والواثق إبراهيم والمسعود أحسن والمنصور أيوب انتهى‏.‏

وفيها توفي العلامة جمال الدين أبو غانم محمد ابن الصاحب كمال الدين أبي القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي الحنفي المعروف بابن العديم مات بمدينة حماة وكان إمامًا فاضلًا بارعًا من بيت علم ورياسة‏.‏

وفيها قتل الأمير عساف ابن الأمير أحمد بن حجي أمير العرب من آل مرى وكان أبوه أكبر عربان آل برمك وكان يدعي أنه من نسل البرامكة من العباسة أخت هارون الرشيد‏.‏

وقد ذكرنا ذلك في وفاة أبيه الأمير شهاب الدين أحمد‏.‏

وفيها توفي الأمير بدر الدين بكتوت بن عبد الله الفارسي الأتابكي كان من خيار الأمراء وأكابرهم وأحسنهم سيرة‏.‏

وفيها توفي شيخ الحجاز وعالمه الشيخ محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري الملكي الشافعي فقيه الحرم بمكة - شرفها الله تعالى - ومفتيه ومولده في سنة أربع عشرة وستمائة بمكة‏.‏

وكانت وفاته في ذي القعدة‏.‏

وقال البرزالي‏:‏ ولد بمكة في يوم الخميس السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة‏.‏

قلت‏:‏ ونشأ بمكة وطلب العلم وسمع الكثير ورحل البلاد‏.‏

وقال جمال الدين الإسنائي‏:‏ إنه تفقه بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري انتهى‏.‏

وذكر نحو ذلك القطب الحلبي في تاريخ مصر وحدث وخرج لنفسه أحاديث عوالي‏.‏

قال أبو حيان‏:‏ إنه وقع له وهم فاحش في القسم الأول وهو التساعي وهو إسقاط رجل من الإسناد حتى صار له الحديث تساعيًا في ظنه‏.‏

انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وقد استوعبنا سماعاته ومصنفاته ومشايخه في ترجمته من تاريخنا المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي مستوفاة في الكتاب المذكور‏.‏

وكان له يد في النظم فمن ذلك قصيدته الحائية‏:‏ الخفيف ما لطرفي عن الجمال براح ولقلبي به غدا ورواح كل معنى يلوح في كل حسن لي إليه تقلب وارتياح ومنها‏:‏ فيهم يعشق الجمال ويهوى ويشوق الحمى وتهوى الملاح وبهم يعذب الغرام ويحلو ويطيب الثناء والإمتداح لا تلم يا خلي قلبي فيهم ما على من هوى الملاح جناح ويح قلبي وويح طرفي إلى كم يكتم الحب والهوى فضاح صاح عرج على العقيق وبلغ وقباب فيها الوجوه الصباح والقصيدة طويلة كلها على هذا المنوال‏.‏

وفيها توفي سلطان إفريقية وابن سلطانها وأخو سلطانها عمر بن أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاني الملقب بالمستنصر بالله والمؤيد به وولي سلطنة تونس بعد وفاة أخيه إبراهيم فيما أظن وقتل الدعي الذي غلب عليها وملك البلاد ودام في الملك إلى أن مات في ذي الحجة‏.‏

وكان عهد لولده عبد الله بالملك فلما اختصر أشار عليه الشيخ أبو محمد المرجاني بأن يخلعه لصغر سنه فخلعه وولى ولد الواثق محمد بن يحيى بن محمد الملقب بأبي عصيدة الآتي ذكر وفاته في سنة تسع وسبعمائة‏.‏

وكان المستنصر هذا ملكًا عادلًا حسن السيرة وفيه خبرة ونهضة وكفاية ودين وشجاعة وإقدام‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي الزاهد القدوة أبو الرجال بن مري بمنين في المحرم‏.‏

وعز الدين أبو بكر محفوظ بن معتوق التاجر ابن البزوري في صفر‏.‏

والإمام عز الدين أحمد بن إبراهيم بن الفاروثي في ذي الحجة‏.‏

وصاحب اليمن الملك المظفر يوسف بن عمر في رجب وكانت دولته بضعًا وأربعين سنة‏.‏

وشيخ الحجاز محب الدين الطبري‏.‏

وأبو الفهم أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني النقيب في المحرم‏.‏

والعلامة تاج الدين أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي عصرون التميمي مدرس الشامية الصغرى في ربيع الأول‏.‏

ومحيي الدين عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الدميري في المحرم وله تسعون سنة‏.‏

والزاهد القدوة شرف الدين محمد بن عبد الملك اليونيني المعروف بالأرزوني‏.‏

والزاهد المقرىء شرف الدين محمود بن محمد التاذفي بقاسيون في رجب‏.‏

والعلامة زين الدين المنجا بن عثمان بن أسعد ابن المنجا الحنبلي في شعبان وله خمس وستون سنة‏.‏

وقاضي القضاة شرف الدين الحسن بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر المقدسي الحنبلي‏.‏

وناصر الدين نصر الله بن محمد بن عياش الحداد في شوال والعدل كمال الدين عبد الله بن محمد بن قوام في ذي القعدة‏.‏

وأبو الغنائم بن محاسن الكفراني‏.‏

والمقرىء موفق الدين محمد بن أبي العلاء محمد بن علي ببعلبك في ذي الحجة‏.‏

والمقرىء أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم سحنون المالكي في شوال بالإسكندرية‏.‏

والعلامة الصاحب محيي الدين محمد بن يعقوب بن النحاس الحلبي الحنفي في آخر السنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراع وأصابع‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏

وكان الوفاء في سادس أيام النسيء‏.‏

السنة الثانية من سلطنة الملك العادل كتبغا وهي سنة خمس وتسعين وستمائة‏.‏

فيها كان الغلاء العظيم بسائر البلاد ولا سيما مصر والشام وكان بمصر مع الغلاء وباء عظيم أيضًا وقاسى الناس شدائد في هذه السنة والماضية‏.‏

وفيها ولي قضاء الديار المصرية الشيخ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن دقيق العيد بعد وفاة قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز‏.‏

وفيها توفي الملك السعيد شمس الدين إيلغازي ابن الملك المظفر فخر الدين قرا أرسلان ابن الملك السعيد صاحب ماردين الأرتقي ودفن بتربة جده أرتق وتولى بعده سلطنة ماردين أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي‏.‏

وكان مدة مملكة الملك السعيد هذا على ماردين دون الثلاث سنين‏.‏

وكان جوادًا عادلًا حسن السيرة رحمه الله تعالى‏.‏

وفيها توفي الأمير بدر الدين بيليك بن عبد الله المحسني المعروف بأبي شامة بالقاهرة وكان من أعيان الأمراء وأكابرهم رحمه الله‏.‏

وفيها توفي الأسعد بن السديد القبطي الأسلمي الكاتب مستوفي الديار المصرية والبلاد الشامية والجيوش جميعها المعروف بالماعز الديواني المشهور وكان معروفًا بالأمانة والخير وكان نصرانيًا ثم أسلم في دولة السلطان الملك الأشرف خليل بن قلاوون‏.‏

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي - رحمه الله -‏:‏ حكى لي القاضي شهاب الدين محمود رحمه الله قال‏:‏ لما مرض المذكور توجهنا إليه نعوده فوجدناه ضعيفًا إلى الغاية وقد وضعوا عنده أنواعًا من الحلي والمصاغ المجوهر والعقود وفيها العنبر الفائق وأنواع من الطيب‏.‏

ثم إنه قال‏:‏ ارفعوا هذا عني وأسر إلى خادم كلامًا فمضى وأتى بحق ففتحه وأقبل يشمه وقمنا من عنده ثم إنه مات فسألنا ذلك الخادم فيما بعد‏:‏ ما كان في ذلك الحق قال‏:‏ شعرة من است الراهب الفلاني الذي كان له كذا كذا سنة ما لمس الماء ولا قربه‏.‏

قال‏:‏ فأنشدت‏:‏ ما يقبض الموت نفسًا من نفوسهم إلا وفي يده من نتنها عود وفيها توفي الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الأفرم الكبير أمير جاندار الملك الظاهر والملك السعيد والملك المنصور قلاوون‏.‏

فلما تسلطن الملك الأشرف خليل ابن قلاوون حبسه وبعد قتل الأشرف خليل أخرجه أخوه الملك الناصر محمد بن قلاوون وأعاده إلى مكانته ثم استقر في أيام الملك العادل كتبغا على حاله إلى أن مات بالقاهرة في يوم السبت سابع شهر ربيع الأول‏.‏

قال القطب اليونيني‏:‏ حكى لي الأمير سيف الدين بن المحفدار قال‏:‏ أوصى الأفرم عند موته أنه إذا توفي يأخذون خيله يلبسونها أفخر ما لها من العدة وكذلك جميع مماليكه وغلمانه يلبسونهم عدة الحرب وأن تضرب نوبة الطبلخاناه خلف جنازته كما كان يطلع إلى الغزاة وألا يقلب له سنجق ولا يكسر له رمح ففعلوا أولاده ما أمر به ما خلا الطبلخاناه فإن نائب السلطنة حسام الدين لاجين منعهم من ذلك وكانت جنازته حفلة حضرها السلطان ومن دونه‏.‏

وكان دينًا من وسائط الأخيار وأرباب المعروف‏.‏

وكان يقال‏:‏ إنه يدخل عليه من أملاكه وضماناته وإقطاعاته كل يوم ألف دينار خارج عن الغلال‏.‏

قلت‏:‏ وهذا مستفاض بين الناس‏.‏

وقصة أولاده لما احتاجوا مع كثرة هذا المال إلى السؤال مشهورة‏.‏

يقال إنه كان له ثمن الديار المصرية وهو صاحب الرباط والجسر على بركة الحبش خارج القاهرة‏.‏

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي‏:‏ ‏"‏ كنت بالقاهرة وقد وقف أولاده وشكا عليهم أرباب الديون إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فقال السلطان‏:‏ يا بشتك هؤلاء أولاد الأفرم الكبير صاحب الأملاك والأموال أبصر كيف حالهم‏!‏ وما سببه إلا أن أباهم وكلهم على أملاكهم فما بقيت وأنا لأجل ذلك لا أدخر لأولادي ملكًا ولا مالًا ‏"‏ انتهى كلام الصفدي‏.‏

قلت‏:‏ والعجيب أنه كان قليل الظلم كثير الخير وغالب ما حصله من نوع المتاجر والمزروعات والمستأجرات ومع هذا احتاج أولاده وذريته إلى السؤال‏.‏

وفيها توفي قاضي القضاة بالديار المصرية ورئيسها تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن ابن قاضي القضاة تاج الدين أبي محمد عبد الوهاب ابن القاضي الأعز أبي القاسم خلف بن محمود بن بدر العلامي الشافعي المصري المعروف‏:‏ بابن بنت الأعز‏.‏

مات يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى ودفن عند والده بالقرافة في تربتهم وهو في الكهولية‏.‏

وكان فقيهًا بارعًا شاعرًا خيرًا دينًا متواضعًا كريمًا تفقه على والده وعلى ابن عبد السلام تولى الوزارة والقضاء ومشيخة الشيوخ وأضيف إليه تدريس الصلاحية والشريفية بالقاهرة والمشهد الحسيني وخطابة الجامع الأزهر وامتحن محنة شديدة في أول الدولة الأشرفية وعمل على إتلافه بالكلية وذلك بسعاية الوزير ابن السلعوس الدمشقي‏.‏

وقد استوعبنا أمره في المنهل الصافي ثم أعيد إلى القضاء بعد وفاة الأشرف فلم تطل أيامه ومات‏.‏

ولما حج القاضي تقي الدين هذا وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد عند الحجرة النبوية قصيدته التي مطلعها‏:‏ الناس بين مرجز ومقصد ومطول في مدحه ومجود ومخبر عمن روى ومعبر عما رآه من العلا والسؤدد وفيها توفي الشيخ الإمام الأديب البارع المفتن سراج الدين أبو حفص عمر بن محمد بن الحسين المصري المعروف بالسراج الوراق الشاعر المشهور مولده في العشر الأخير من شوال سنة خمس عشرة وستمائة ومات في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بالقرافة‏.‏

وكان إماما فاضلًا أديبًا مكثرًا متصرفًا في فنون البلاغة وهو شاعر مصر في زمانه بلا مدافعة‏.‏

ومن شعره‏:‏ البسيط في خده ضل علم الناس واختلفوا أللشقائق أم للورد نسبته فذاك بالخال يقضي للشقيق وذا دليله أن ماء الورد ريقته وله‏:‏ مخلع البسيط كم قطع الجود من لسان قلد من نظمه النحورا فهأنا شاعر سراج فاقطع لساني أزدك نورا وله‏:‏ لا تحجب الطيف إني عنه محجوب لم يبق مني لفرط السقم مطلوب ولا تثق بأنيني إن موعده بأن أعيش للقيا الطيف مكذوب هذا وخدك مخضوب يشاكله دمع يفيض على خدي مخضوب وليس للورد في التشبيه رتبته وإنما ذاك من معناه تقريب وما عذارك ريحانًا كما زعموا فات الرياحين ذاك الحسن والطيب يا قاسي القلب لو أعداه رقته جسم من الماء بالألحاظ مشروب أرحت سمعي وفي حبيك من عذلي إذ أنت حب إلى العذال محبوب وكان السراج أشقر أزرق العين‏.‏

وفي ذلك يقول عن نفسه‏:‏ الرجز ومن رآني والحمار مركبي وزرقتي للروم عرق قد ضرب قال وقد أبصر وجهي مقبلًا لا فارس الخيل ولا وجه العرب أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وأربع أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وإصبع‏.‏

وكان الوفاء في رابع عشرين توت‏.‏